لبناء الثقة في أبنائك فلا بدّ أن يكون لهذا الأمر عناية خاصّة منذ الصغر، وفي وقت مبكر، حتى نقطف الثمرة في المستقبل بوجود أبناء ناجحين ومنتجين في حياتهم.
والثقة بالنفس تعني قدرة الطفل على التعبير عن رأيه، وذاته، وأفكاره، وإنفعالاته، دون تردّد أو خجل، وهذا يكتسب عن طريق التربية وإحتكاكه ببيئته الداخليّة والخارجيّة.
وينبغي أن نعلم جميعاً أنّ الثقة بالنفس لا تولد مع الشخص، ولا تتمّ بطريقة وراثيّة، وإنّما تكتسب وتعزّز منذ الصغر، وهي نتيجة عوامل بيئيّة تعمل على تكوين شخص يحمل ذاتاً إيجابيّة وآخر يحمل ذاتاً سلبيّة.
وقد أثبتت معظم الدراسات أنّ من أهم الأسباب لتدنّي التحصيل الدراسيّ لدى التلاميذ هو تدني مستوى مفهومهم لذاتهم ومستوى تقديرهم لهذه الذات، وكذلك بيّنت ملاحظات علماء النفس أنّ ذلك وراء العديد من المشكلات النفسيّة والسلوكيّة لدى الصغار والكبار.
ويكون مفهوم الطفل لذاته مرناً وهو صغير، وكلّما كبر الطفل يتّجه مفهومه لذاته نحو الثبات والرسوخ، لذا، ينبغي لنا أن نهتمّ ببناء الثقة بالنفس وتنمية مفهوم الذات مع الأطفال منذ الصغر، لأنّ تأثير ذلك يكون ناجحاً عندما يكون التدخّل مبكراً.
وعندما يشعر الأطفال بالنقص فإنّه يتكوّن لديهم ضعف الثقة بالنفس، كالخجل والتردّد، وعدم القدرة على الإستقلال، ونرى أنّ الطفل الذي لا يتمتّع بثقة في نفسه بأنّه يحطّ من إمكانيّاته وقدراته، ويشعر أنّ الآخرين لا يقدّرونه، ولا يهتمون به، ويتأثّر هذا الطفل بمن حوله وإن كانوا أصغر منه سناً،
ونجده يلوم الآخرين على فشله، كأن يعزو رسوبه في الإمتحان للمعلّم الذي لم يشرح جيّداً.
وجميع ذلك يتشكّل منذ صغره معتمداً على تربية والديه التي تقوم على الصراخ، والزجر، والضرب، والحرص الزائد على الطفل، وعدم إفساح المجال أمامه للإبتكار والتعلّم، وإهمال تشجيعه ودعمه.
وعلى العكس من ذلك، فالطفل الذي يتمتّع بثقة عالية في نفسه يتميّز بإيجابيّته وإستقلاليّته عن والديه، وإعتماده على نفسه في كثير من الأمور وتحمّله للمسئوليّة، كما أنّه يستطيع التأثير على من حوله بأفكاره وابتكاراته في الألعاب وغيرها.
ونلاحظ أيضا أنّ هذا الطفل يعبّر عن آرائه دون خجل أو تردّد، ويفخر بإنجازاته ولو كانت بسيطة، ويخبر من حوله بهذه الإنجازات.
ولكي ننشئ مثل هذا الطفل الإيجابيّ الواثق من نفسه فيجب علينا أن نؤسس ذلك في الطفل منذ صغره بإتباع أساليب في التربية تزيد من ثقته في نفسه ومن ذلك:
ـ إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن رأيه أمام الآخرين وعدم إسكاته لصغر سنه أو ماشابه ذلك.
ـ أن يكون الأهل نموذجا جيدا للطفل، فالأطفال يتعلّمون من خلال القدوة.
ـ مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال فلا نقيم الموازنات والمقارنات بينهم.
ـ إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن ذاته من خلال التعلّم بالمحاولة والخطأ، وهي أن يتعلّم الطفل السلوكيّات الصحيحة بعد أن يخطئ فيها أكثر من مرّة، ونتيجة المحاولة والتكرار يتمّ تعديل سلوكه.
ـ رفع الروح المعنويّة لدى الطفل عن طريق تزويده بخبرات هادفة، وإشراكه بأعمال تطوعيّة أو أعمال المنزل على قدر طاقته، أو ممارسته لرياضة أو هواية معيّنة.
ـ تشجيع الطفل وعدم توبيخه أو الإسراف في عقابه.
ـ تجنّب إحراجه أو السخرية منه أو إلصاق إسم قبيح به.
ـ إمتداح الطفل وتقديره عند إنجازه لبعض المهام.
ـ إعطاء الطفل الفرصة لتكوين علاقات إجتماعيّة مع أشخاص ناجحين ومتميّزين.
ـ إحتضان الطفل وعناقه بكثرة.
ـ تقبّل المشاعر الإيجابيّة والسلبيّة للطفل دون إصدار حكم عليه.
وينبغي أن نعلم أنّ لكلّ طفل الحقّ بأن يرفع رأسه وأن يكون ناجحاً ويشعر بالإطمئنان على نفسه، وذلك من خلال التربية السليمة التي تجعله يحمل مفهوماً إيجابيّاً عن ذاته، وبالتالي واثقا من نفسه وناجحا في حياته.
الكاتب: سمية السحيباني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.